حياة الطيارة غير عن حياة أي شخص آخر. فعندما تكون طيار لا يصبح للأيام معنى و تهتم فقط للتاريخ الذي هو عصب جدول الرحلات فلا تستطيع الإلتزام بزيارات عائلية و لا مناسبات إجتماعية، سيفقدك الكثير و قد تتغير صداقاتك بسبب بعدك و سفرك الكثير، ستصبح فكرة تكوين أسرة شيء جداً صعب في وقت من الأوقات، سواء كانت الرحلة قصيرة أو طويلة لن يفارقك تعب السفر ناهيك عن طيران الليل و السهر.
هل معنى كلامي السابق أن حياة الطيار جحيم؟ و أن حياته أصعب من كل الناس؟ طبعا لا، أكيد يوجد من حياتهم أصعب ولكني أردت أن أسلط الضوء على الجانب المظلم من حياتنا التي يحسبها الكثير مرح و فرح و الصعوبات اليومية التي نواجها علما أن ما سبق هو شكل عام لحياة الطيار و يختلف الحال من شخص لآخر و قد تكون أسوء إذا لم يتمكن من التعايش معها و تعلم إدارة حياته و وقته بشكل سليم و قد تصبح أفضل بكثير إذا تعرّف على أولوياته و رتّب أموره.
الجانب المشرق في حياة الطيار و هو عدم وجود روتين يومي قاتل، و العمل على الطائرة شيء متعب ولكن ممتع بنفس الوقت و المشاكل التي تمر عليك يوما خلال الرحلة هي تحديات تعطيك قدر كبير من الرضى حين تقف أمامها و تتمكن من حلها ليصل الراكب وجهته بسلام، في وقت الرحلة تقفل الباب على جميع مشاكلك في الحياة و تعطي تركيز تام بقدر الإمكان للعمل و في الرحلات الطويلة و رحلات المبيت يتوفر لك الوقت الشخصي الذي لا يمكن أن تحصل عليه سوى في السفر وحدك، و التعرّف على مجتمعات و عادات جديدة خلال سفرك، فقد تعلمت الكثير بحياتي ماكنت لأتعلمه لولا الطيران، و أنا مدين لله سبحانه و تعلى ثم للطيران للشخص الذي أنا عليه اليوم.
قبل الختام أود أن أنوّه أن عمل الطيار لا يصلح للجميع و اذا اخترته لن تتمكن من تغييره كباقي الوظائف، فليس لديك خيار سوى العمل على الطائرة، و نصيحتي لكل من يفكر في الطيران أن يتأكد ألف مرة من قدرته على تحمل و تخطي المصاعب في العمل و الحياة الشخصية فإذا لم تستطع ذلك إبحث عن ما يسعدك في عمل آخر و اجعل الطيران هواية أما ان وجدت نفسك راغب و جاد في العمل كطيار و على استعداد تام لمواجهت كل ما سبق دعني أرحب بك و أقول لك: إربط حزامك و تمتع في الرحلة.